الشهيد الشيخ محمد خياباني

الشهيد الشيخ محمد خياباني

المولد والنسب

ولد الشهيد الشيخ محمد خياباني عام 1298 هجري قمري في قضاء خامنه من توابع مدينة تبريز.

والده الحاج عبد الحميد خامنه كان تاجراً يعمل في روسيا.

الدراسة

دخل الشهيد في طفولته دار الكتّاب وتعلم القرآن. ثم بعد ذلك سافر مع والده إلى روسيا وتعلم في متجره هناك الاقتصاد. وبعد فترة عاد إلى موطنه.

ثم التحق بالمدرسة الطالبية في تبريز لدراسة العلوم الدينية، ودرس الفقه والأصول على يد حجة الإسلام الحاج ميرزا أبو الحسن أنكجي وكان تلميذه المبرز. ودرس علم الهيئة والنجوم والحساب لدى الفلكي المعروف ميرزا عبد العلي، وسبق أقرانه في هذا العلم. كما وكان بارعاً في الفلسفة و التاريخ والاقتصاد وعلم الكلام والأدب الفارسي. ونتيجة لسفراته الكثيرة كان يجيد اللغات العربية والروسية والفرنسية إلى جانب الفارسية والآذرية.

وعلاوة على مقامه العلمي، كان ذا أخلاق رفيعة ومشهوراً بالزهد والتقوى. كما أنه كان خطيباً مفوّهاً.

وخلال دراسته تعرف على أحد كبار علماء تبريز وهو المرحوم آية الله الخامنئي (جد قائد الثورة الإسلامية). ثم تزوج ابنته خير النساء.

ونظراً لسكنه في حيّ خيابان بتبريز سمّي بــ (خياباني).

إمامة الجماعة

بعد وفاة أبي زوجته، أمّ الجماعة لمدة سنتين في مسجد الجامع وكريمخان في تبريز. وقال عنه المرحوم بادامجي بأن: " المرحوم خياباني كان الأورع والأزهد والأفقه بين أقرانه من أئمة الجماعة في زمانه".

ثورته ضد الحكومة المستبدة

ورغم أنه كان شاباً عندما ثار ستارخان، إلاّ أنه أصبح بعد وفاة ستارخان المنظّر الفكري والسياسي لثورة تبريز. ولم يتجاوز الثلاثين من عمره عندما انتخب ممثلاً عن أهالي تبريز في المجلس الوطني في دورته الثانية، وبرز نجمه. وفي نطقه في المجلس حول المعاهدة الروسية المذلّة هاجم الروس بشدة، مما أدى إلى نفيه.

واثر توقيع معاهدة 1919م المشينة، أعلن الشيخ ثورته في تبريز ضد الحكومة القاجارية؛ فعُطّلت الأسواق بأمره، وسيطر الثوار على مراكز الشرطة والحكومة، وسقطت المدينة في أيديهم، وذاق أهالي تبريز طعم الحرية لمدة ستة أشهر قبل أن تتمكن قوات الاستبداد من السيطرة عليها مجدداً.

ولم ينس شباب تبريز خطابه الحماسي في مسجد كريم خان عندما قال:

"الشباب أمل المستقبل، والعزة الحقيقية رهين تضحياتكم، والكرامة الحقيقية لمن يضحي من أجل راحة الآخرين، ولا يتراجع في ميدان الكفاح الاجتماعي أمام هجوم الزمان، ولا ينهزم أمام المشاكل المستعصية".

كما ولم ينس الأحرار كلامه في المسجد الجامع عندما قال:

"ثورتنا هي من أجل ثبات الأوضاع واستقرارها، وللخلاص من تبعية أفراد معيّنين وجماعات معيّنة، ومن أجل أن لا يستطيع كل من شاء أن يغير الأوضاع ويحرّفها".

والمعارضون للاستعمار افتخروا عندما سمعوا الشيخ وهو يواجه الممثل البريطاني بالرفض قائلاً:

"إن أول شعار للأحرار في تبريز هو لا للوقوع آلة في أيدي الأجانب".

والمحرومون قد شعروا بالخجل عندما تذكروا الشيخ وهو مضطر على بيع كتبه خفية من أجل تأمين غذاء لأهله الذين بقوا جياعاً لثلاثة أيام.

والضعفاء كانوا يشعرون بالقوة عندما كانوا يسمعون نداء الشيخ الخالد:

"الشعب الذي لا يهاب الموت، لن يموت أبداً".

وقد حاول عين الدولة استرجاع المدينة عدة مرات إلا أنه مني بالهزيمة، فجهّز محمد علي شاه القاجاري هذه المرة قوة قوامها أربعين ألف جندي لاستعادة المدينة وقمع الثوار، إلى أن هذه المرة أيضاً منيت قوات محمد علي شاه القاجاري بالهزيمة اثر صمود وبسالة الثوار والأهالي في الدفاع عن المدينة وبصيرة الشيخ خياباني.

استشهاده

واثر ذلك تم خلع عين الدولة وتنصيب مخبر السلطنة بدله في رئاسة الوزراء، فبدأ هذا الأخير عمله باستخدام مختلف الحيل لكسر صمود أهالي تبريز، إلاّ أنه لم يفلح في ذلك، فلجأ هذه المرة إلى التواطؤ مع قائد الجيش في تبريز والذي كان كولونيلاً روسيا، ووضعا خطة لقمع الثوار والأهالي. وفي 21 شهريور (الشهر السادس الايراني) عام 1299هــ ش وعندما كان الكثير من الثوار خارج المدينة لقمع الأشرار المحليين، هاجمت قوات الشاه على المدينة وقمعوا باقي الثوار والأهالي وسيطروا عليها.

أما حول استشهاد الشيخ، فبعد سقوط المدينة، أمر مخبر السلطنة بالاتيان بالشيخ خياباني حياً أو ميتاً. وفي يوم 29 ذي الحجة 1338هــ ق داهموا منزل الشيخ فلم يجدوه، فاستعانوا بكلاب للكشف عن مكان اختفائه، فداهموا منزل جاره الشيخ حسن علي ميانجي، فوجدوه هناك، وأطلقوا النار عليه مباشرة ولم يقاومهم الشيخ لأنه كان قد وعد الشيخ ميانجي بعدم مقاومتهم داخل بيته. ثم بعد قتله قطعوا كفّه، ثم سحبوا جسده الطاهر وأخذوه إلى مهلهلين إلى بلاط مخبر السلطنة. وبعد أن نظر إليه أمر بدفنه في مكان ما. فدفن الشهيد محمد خياباني في مقبرة الشعراء بتبريز وأصبح قبره الشريف مزاراً للثوار والأحرار يرددون عنده كلمته الشهيرة:

"إن قيمة الحياة في أن يعيش الإنسان في عزّ وكرامة، وإلاّ فالموت أفضل نعمة لمن يريد العيش في ذل الخيانة والمتاجرة بوطنه".

فرحمه الله برحمته الواسعة وحشره مع أوليائه الطاهرين.